СМИ

(روسيا والمغرب) مؤتمر Online Zoom

بمبادرة كريمة من صديقي فيكتور فارابايف القنصل العام الروسي في مدينة (الغردقة) المصرية، والذي هو من أهم منسقي العلاقات الروسية - العربية وسط الشرق الأوسط، والذي سبق له أن خدم دبلوماسيا ناجحا ومتميزا في الأردن، والإمارات، وتونس، والخارجية الروسية في موسكو، وأخيرا في الغردقة، ويسترشد على ما يبدو بخطى يفغيني بريماكوف عراب الاقتصاد الروسي العربي في زمانه.


وهو أي فارابايف، العارف بالعربية والمتابع لمقالاتي وكتبي المتخصصة في شأن السياسية الروسية وسط العرب وعلى خارطة العالم، ويتصف بالذكاء ودقة الملاحظة، دعاني للمشاركة في مؤتمر "روسيا والمغرب - أون لاين – زووم" إلى جانب 73 مشاركا عالميا معظمهم من السيدات الناطقات بالروسية بتاريخ 13 تموز الجاري 2021 (الثلاثاء)، وعلى مدى سويعات من الوقت، حيث بدأت الفعالية بتوقيت موسكو الساعة الحادية عشرة صباحا، وتزامنت مع توقيت الأردن، بينما كان الوقت في تونس التاسعة صباحا. وبالمناسبة قصد الروس بمصطلح المغرب الإتحاد أو الإقليم المغاربي المتربع في الشمال الأفريقي بمحاذات البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، ويشمل (المغرب، تونس، الجزائر، ومورتانيا). وربط الروس بين كتاب ورواية (ألف ليلة وليلة) لناشره بالإنجليزية وليم ماكنجتن عام 1706، وبكل ما فيه من سحر وجمال وبين مقر الرواية الأصيل في آسيا وشمال أفريقيا، وتحديدا في مناطق المغاربة.


وهدف المؤتمر اقتصادي يجمع بين إمكانات روسيا الاتحادية العملاقة بقطبها الجغرافي والاقتصادي ومنه العسكري، وهو الذي يمثل زعامة الشرق وعالم الأقطاب المتعددة، والمتصدي للحرب الباردة وسباق التسلح في زمن محاولة أمريكا وحلفها الناتو الغربي السيطرة اقتصاديا على العالم من وسط القطب الواحد، والتغلغل في عروقه، وبين إمكانات المغاربة الاقتصادية الكبيرة من نفط وغاز وفوسفات وثروات بحرية. وتم فتح الحوار عبر شبكة المؤتمر الواسعة للفت الانتباه للعلاقة الرابطة بين روسيا والمغرب، وإمكانات تطويرها وفق معادلة من الحاجات المشتركة المشروعة، والقائمة على قاعدة الاحترام المتبادل من وسط معادلة تبادل العلاقات مع دول عالم الأقطاب المتعددة والمتوازنة، ومن زاوية "الند للند"، والتعاون الحميم المشترك.


والملتقى العالمي النسائي هذا (WBA) – Wordwide Business Alliance of Russian- Speaking Women تترأسه (أناستاسيا شيكاريوفا)، وصاحب فكرة الملتقى هو البيت البيت الروسي في تونس الذي تحدثت بإسمه (نتاليا كوبجا) رئيسته، وتحدثت في الملتقى أيضا السيدة (بسمة سوداني) مديرة مكتب اتحاد وزراء المغرب، والسيدة (شفيقة شماس) رئيسة CCM World wide في الملتقى من تونس. وتم التركيز على الحاجات والتطلعات لكل من روسيا الاتحادية والاتحاد المغاربي، وإلى أهمية روسيا بالنسبة للمغاربة وأهمية المغاربة لروسيا اقتصاديا وعسكريا أيضا، وهو عمل استراتيجي هام للقطبين الروسي والعربي. والاتحاد السوفيتي كان هناك في مناطق المغاربة منذ خمسينيات القرن الماضي. وحرص روسي على تطوير صادراتها وواردتها عالميا وبالتوافق مع البلدان التي تتعامل معها ومنها المغاربة. وتأكيد من قبل الملتقى على أن العالم المتعدد الأقطاب ظهر بوضوح في عهد رئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين. وبأن حجم التبادل التجاري بين وروسيا وأفريقيا قفز خمس مرات عما كان عليه الحال في عام 2017 بحجم (3.5) مليار دولار آنذاك. وحسب المؤتمر هذا، فإن روسيا أصبحت مجددا تحتل مكانة الدولة العظمى بقيادة الرئيس بوتين. ونداء اطلقه المؤتمر عبر كلمة للسيدة (بسمة سوداني) لضرورة المحافظة على المساواة بين الرجل والمرأة في العمل والحياة، وقول لها بأن المادة الدستورية في تونس بتاريخ 31 أغسطس عام 1956 ساوت بين الرجل والمرأة، ولفتت الانتباه لأهمية دور المرأة المغاربية في مواجهة جائحة كورونا.


وزيارة سيرجي لافروف وزير خارجية روسيا ومساعده ميخائيل بغدانوف لإفريقيا بتاريخ 5 اذار 2018 عززت العلاقات الاقتصادية معها، والمؤتمر الروسي - الافريقي الاقتصادي في سوتشي عام 2019 رسخ العلاقة أكثر بين روسيا والقارة الأفريقية السوداء. وأصبحت منطقة المغاربة في شمال أفريقيا الحليف الثاني لروسيا اقتصاديا منذ معاهدة عام 2016، والثالثة على مستوى أفريقيا. ومن المهم ذكره هنا، هو محاورة لافروف لأفريقيا بتاريخ 25 اذار 2021 للتعامل مع لقاح سبوتنيك V المشهور والمتميز عالميا، لمساعدتهم على تطويق جائحة كورونا التي لازالت تهدد البشرية وأمن العالم. ولازالت العلاقات الاقتصادية مع التجمع المغاربي - إن صح التعبير- متفاوته ومختلفة من بلد إلى آخر، مع المغرب، والجزائر، وليبيا عبر أزمتها، وتونس، وموريتانيا كما اتضح لي من خلال المؤتمر (أون لاين) هذا. ومعلومة هنا تفيد بتعادل إمكانات الجناح المغاربي مع المملكة العربية السعودية الشقيقة في الإمكانات النفطية كماً وجودةً.


وكلمة السيدة (شفيقة شماس) بالفرنسية والتي ترجمت للروسية جاءت شاملة وتفصيلية، وأجابت على سبب اقتراب روسيا من الشمال المغاربي بوابة صحراء الجنوب، وأجرت مقارنة في مجال العلاقة التجارية بين روسيا وشمال أفريقيا والتي وصلت إلى 20 مليار دولار بينما توجد دول أخرى تفوقت بأرقامها التجارية مع المكون المغاربي مثل الصين وأمريكا. وتوضيح من قبل مديرة الملتقى السيدة (اناستاسيا شيكاريوفا) بهدف المؤتمر الرامي لجمع مؤسسات المجتمع المدني والحكومة ورجال الأعمال الروس لمناقشة إمكانية تطوير الأعمال التجارية بين روسيا والمغاربة على امتداد دولهم الخمسة، وكذلك الأمر بالنسبة للعلاقات الثقافية الروسية المغاربية المحتاجة لترسيخها.


وفي الختام هنا، وحتى لا نطيل عليكم - أعزائي القراء الكرام- بإمكاننا أن نلاحظ وإياكم الحراك الروسي الاقتصادي والثقافي الذي ينشط وبنجاح خارج أسوار روسيا الاتحادية الآن، لتحقيق عدة أهداف مرة واحدة، من شأنها أن توطد العلاقة مع العرب، وتنجح في مواجهة الفوبيا الروسية والحرب الباردة، وسباق التسلح كذلك من طرف الغرب الأمريكي. ولدى الروس مقولة سياسية مشهورة: (سلام ضعيف خير من حرب مدمرة)، ولقد شكلت قمة (جنيف) بين بوتين وبايدن بتاريخ 16 حزيران 2021، نقطة تحول هامة نحو ترطيب العلاقات الروسية الأمريكية وبالعكس من شأنها أن تنعكس على إنجاح مسار التمنية الشاملة في كل بلدان العالم، فأمن العالم بكل تأكيد عنوان المرحلة والمستقبل.